تفسير التواري لإبن سيرين
تفسير التواري لإبن سيرين
التـواري: اختلفـوا فـي تـأويلـه، فمنهم من قال: إن من رأى أنه تواري؛ فإنه تولد له بنت؛ لقوله تعالى:
﴿ يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
[ النحل: 59]
وقال بعضهم: من رأى كأنّه توارى في بيت؛ فإنه يفر؛ لقوله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ۚ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾
[ الأحزاب: 13]
تفسير الاختباء للنابلسي:
تواري: من رأى في منامه أنه دخل بيتاً وتوارى فيه، فإنه يعزى.
التـواري في المنام، دليـل علـى الاستناد، والاعتماد على من تواري به ،أو بمن دل عليه. فإن تواري بجبل، دل على أنه يستند إلى جليل القدر، وإن توارى واستند إلى شجرة، ركن إلى عالم. وإن كان عند الرائي حامل أتت بأنثى، وربما دل التواري في المنام على النفاق والتكلم بأعمال السوء .
رؤية "الاختباء" في المنام: تأملات حول معنى الرؤية
عالم الأحلام وتفسيرها من الجوانب الروحانية التي تثير اهتمام الإنسان منذ قرون. ففي لحظة نومه، يتواصل الإنسان مع عوالم أخرى قد تكون رمزية أو رؤى تحمل معانٍ عميقة. من الرؤى التي قد يشهدها الإنسان في منامه هي "الاختباء"، والتي يُعتقد أنها تحمل دلالات مختلفة حسب تفسيرها. في هذا المقال، سنتناول تفسير ابن سيرين لرؤية "الاختباء" ونبحث في معانيها الروحانية والتوجيهات التي يمكن استخلاصها منها وفقًا للمنظور الإسلامي.
تفسير ابن سيرين لرؤية "الاختباء": "الاختباء" هي إحدى الرؤى التي يختلف العلماء في تفسيرها. يُعبر ابن سيرين في تفسيره عن هذا الاختباء بأنه يمكن أن يشير إلى ولادة ابنة. ويرتبط تفسيره بقوله تعالى: "وَيَسْتَوْصِيهَا أَن يَأْخُذْنَ ثَمَناً غَيْرَ مَكْسُوفٍ وَلَا مُسْتَضْعَفٍ" [البقرة: 232]. يُعنى هنا أن من رآى توارياً في منامه، فإن ذلك قد يُبشِّره بقدوم طفلة جميلة ستكون حظه وقسمه ونصيبه.
تأملات إسلامية حول معنى الرؤية: إن فهم رؤية "الاختباء" من منظور إسلامي يتيح لنا إمكانية استخلاص عدة تأملات وتوجيهات روحانية تتعلق بحياتنا وعلاقتنا مع الله والآخرين:
قدرة الله في الخلق: يُظهِر تفسير الرؤية لدى ابن سيرين قدرة الله العظيمة في الخلق والإنجاب. إنها تذكير للإنسان بأن كل شيء في هذا الكون يحدث وفقًا لإرادة الله، وأنه هو المبدع والمصور لكل جمال وعجائب الحياة.
قيمة الإنجاب والأمومة: تُعزِّز هذه الرؤية قيمة الأمومة والإنجاب في الإسلام. إن الولادة والتربية هما من أعظم المسؤوليات التي يكون عليها الإنسان، وهما فرصة لتربية جيل قوي ومتزن ومؤمن.
توكيد على القسمة والقدر: تذكرنا هذه الرؤية بأن الله هو الذي يقسم لنا أرزاقنا ويحدد مصائرنا. إنها تدعونا للتوكل على الله والاستسلام لقدره، وأن نقبل بما يأتي منه سواء كان ذلك في الخير أو الشر.
الفرح بقدوم النعم: قد يكون رؤية "الاختباء" بمثابة فرصة للفرح والابتهاج بقدوم نعمة جديدة إلى الحياة، سواء كان ذلك بقدوم طفلة أو بنعمة أخرى. إن الإسلام يعلمنا أن الفرح بالنعم والشكر لله هو جزء من عبادتنا.
تأويل الرؤية على الحالات المختلفة: تطبيق تفسير ابن سيرين لرؤية "الاختباء" على حالات مختلفة في الحياة يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتأمل والتوجيه الروحي:
المتزوجة: إذا رآت المتزوجة تواريًا في منامها، فقد يُبشِّر ذلك بقدوم طفلة جديدة إلى حياتها. تلك الرؤية تُشجِّعها على الفرح بنعمة الأمومة والاستعداد لاستقبال هذه النعمة الجديدة.
العزباء: تُشير الرؤية إلى أن هناك نعمًة قد تأتي في حياة العزباء، سواء كانت في شكل طفلة أو في شكل نعم أخرى. تُذكِّرها بأهمية الشكر والفرح بما تأتيه الحياة من نعم.
الرجل: تُشجِّع الرجل على توجيه اهتماماته نحو بناء الأسرة والمساهمة في تربية الأجيال الجديدة.
المطلقة: تذكر المطلقة بأن الحياة تحمل دائمًا فرصًا للنجاح والسعادة، وأنها يمكنها استقبال النعم بقلب مفتوح.
الحامل: تُذكِّر الحامل بقيمة الأمومة وتحملها لحياة جديدة، وتشجعها على السعي لتقديم الرعاية والحب لطفلها.
في الختام، يظهر تفسير ابن سيرين لرؤية "الاختباء" كوسيلة لتوجيه الإنسان نحو الفهم الأعمق لقدرة الله وقسمته، وكذلك لتذكيره بقيمة الأمومة والإنجاب. تُشجِّع هذه الرؤية على الشكر والتوكل على الله في جميع جوانب الحياة، سواء كان الشخص متزوجًا أم عازبًا، رجلًا أم امرأة، مطلقًا أم حاملاً.